السفاح شارون نفذ تهديده بتصفية زعماء المقاومة الفلسطينية
لم تكد الدموع تجف علي قتل مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين حتي حقق شارون وعده بقتل الشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي جهرة أمام سمع وبصر العالم وتحت سمع وبصر الامم المتحدة وبمباركة من الولايات المتحدة الامريكية للاسف الشديد.
وقد شيعت الجماهير الغاضبة في الارض المحتلة شهيدها قائد حركة حماس وهي تعبر عن سخطها للهمجية الاسرائيلية، والارهاب الاسرائيلي كما عبرت عن سخطها للعجز العربي متمثلا في نعش ملون باللون الاسود وقاموا باحراقه.
وخرجت المظاهرات الحاشدة في الارض المحتلة وبعض العواصم العربية تعبر عن استنكارها لهذا الحادث المؤلم الذي ان دل علي شيء فانما يدل علي سخرية اسرائيل من كل القيم والاعراف الدولية وادارة ظهرها للقانون الدولي.. وأيضا سخريتها من العالم العربي كله من خليجه الي محيطه الذي لا يملك الا كلمات الشجب.. تلك الكلمات الجوفاء التي لا تعبر عن أي معني.. ولا تؤدي الي أي هدف!
ولا تدل الا علي العجز والشلل في اتخاذ أي قرار مؤثر علي مجريات الامور في المنطقة.
وهذا العجز هو الذي شجع اسرائيل علي القيام بهذه الجرائم وهي لا تخشي شيئا وهي تعرف مقدما انها ستسمع كلمات الشجب والاستنكار.. والوعد والوعيد.. و.... كلها كلمات لا تلبث أن تتلاشي في فضاء العدم!
* * *
والعجيب أن شارون بلغ به التبرج أن يتباهي بفعلته، ولا يحاول حتي أن يضع ورقة التوت أمام جرائمه البشعة، بل انه اعلن صراحة ان اسرائيل ستظل علي سياستها بتصفية قادة المنظمات الفلسطينية والتي يتهمها بالارهاب!
ويهنيء جيشه الذي قام باغتيال الرنتيسي بهذا الانجاز الرائع.. عندما تتصدي له طائرة أباتشي، وتطلق عليه صواريخها لتقلته وتقتل معه ابنه وحارسه وبعض الفلسطينيين.
وتبلغ الوقاحة بالوزير الاسرائيلي جدعون عذرا بان يقول ان الدور سيأتي علي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في دمشق.
وبينما تغلي الشعوب العربية من هذا الحادث البشع الذي لا ينم الا علي الوحشية والغدر وعدم التحضر الاسرائيلي تخرج الولايات المتحدة الامريكية لا لتهديء من هذا الموقف الغبي بل لتزيد اشتعال الموقف وتستفز مشاعر العرب في كل مكان وهي تؤكد علي حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب!
* * *
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اغتالوا الرجل؟
والاجابة واضحة .. فهم يحاولون ايقاف الانتفاضة ويحاولون ايهام الفلسطينيين ان يقبلوا بالفتات الذي يقدمونه لهم.. وأنه لا معني للكفاح المسلح لانه يؤدي الي طريق مسدود، وأن مصير من يسير في هذا الاتجاه هو الموت!
وأن عملية السلام هو السلام بالمعني الاسرائيلي أن يحتفظوا بمستوطنات يهودية في الضفة كما يحلو لهم.. وعلي الفلسطينيين مباركة ذلك حتي لو كان هذا يهدم خريطة الطريق!
وأن علي العالم العربي أن يرضخ لهذا الواقع بعد مباركة 'بوش' لاقتراحات اريل شارون وانهم لا يأبهون بما قاله الرنتيسي قبل اغتياله لموقع 'القسام' علي شبكة الانترنت:
ان استراتيجية حماس ترتكز علي أن الوطن الفلسطيني مغتصب بالكامل ولا نستطيع التنازل عن شبر منه رغم الاحتلال الواضح في موازين القوي لصالح العدو الصهيوني.
كما أوضح في هذا الحديث عن حالة الضعف العربي وأن الحركة حماس استراتيجية ثابتة تتمثل في السير في خطين متوازين:
الاول: مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان الصهيوني
والثاني: الحفاظ علي وحدة الشارع الفلسطيني وحمايته من خطر الاقتتال الداخلي الذي من شأنه أن يصرف الجميع عن مقاومة الاحتلال.
وقال أيضا ما ملخصه أن العدو الصهيوني لم يكن هدفه الاستمرار في احتلال غزة، بقدر ما كان هدفه الخروج بمكاسب من هذا الوضع، لان وجوده في غزة سيكلفه الكثير ماديا وأمنيا، ولكنه يريد أن يأخذ مكاسب في الضفة الغربية وعن طريق هذا الجدار الذي يلتهم '58 % ' من أراضي الضفة الغربية.
* * *
والخيانة والغدر اليهودي ليس وليد اليوم بل هو طبع في الشخصية الصهيونية عبر التاريخ.. والذي يتصفح صفحات التاريخ يري منهم العجب العجاب في هذه الخسة والغدر والنذالة.
فمثلا.. رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما هاجر الي المدينة امن اليهود علي عقيدتهم وأموالهم علي ألا يغدروا ولا يخونوا، لم يستطيعوا وقد غلب الطبع علي التطبع أن يؤتوا بعهدهم مع الرسول!
فبعد أن انتصر الرسول في غزوة 'بدر' حقد يهود بني قينقاع علي النبي، واخذوا يعلنون عليه الحرب الكلامية ليوهنوا من هذا النصر وقالوا له: لا يغرنك أن حاربت قوما لا عهد لهم بالحرب، فنحن لسنا كذلك'.
مما دفع الرسول الي حربهم واخراجهم من المدينة ليتوجهوا الي أي مكان يريدون فاختاروا بعض المناطق في الشام.
وبلغ الحمق بيهود بني النضير أنهم حاولوا قتل النبي عليه الصلاة والسلام بالايعاز لاحدهم 'عمرو بن جحاش' أن يقوم فوق الحائط الذي يجلس عليه الرسول ويلقي عليه حجرا، ولكن الله انقذ رسوله وابتعد عن هذا الحائط!
واتفق يهود بني النضير مع يهود بني قريظة ان ينقضوا العهد مع الرسول أثناء غزوة الاحزاب ولكن الله خيب آمالهم عندما انهزمت الاحزاب وتفرقوا وعاد كل من حيث جاء.
كذلك فعل يهود خيبر الذين تساقطت حصونهم علي يد المسلمين.
* * *
بل أن اليهود فعلوا ما لا يمكن تصوره عندما حاولت امرأة يهودية 'زينب بنت الحارث' ان تقتل النبي بالسم، فقد تقدمت الي الرسول وهي تحمل فوق رأسها شاة مشوية، وتقدمت الي النبي بها علي انها هدية لانه ابقي علي يهود خبير وانصفهم.
وكانت هذه اليهودية قد سألت عما يحب النبي من الشاة، وعرفت أنه يحب الذراع، فأغرقت الذراع بالسم، وافرغت الباقي علي بقية الشاة!
وأخذ النبي قطعة من اللحم واخذ يلوكها في فمه. وكان يأكل معه بعض أصحابه ومنهم 'بشر بن براء'
ولكن سرعان ما ألقي النبي قطعة اللحم من فمه، ومنع أصحابه عن الاكل وقال:
ان هذا العظم ليخبرني انه مسموم!
قال بشر:
والذي اكرمك لقد وجدت ذلك من أكلتي حتي التقمتها، وما منعني أن ألفظها الا انني كرهت ان أبغض اليك طعامك فلما أكلت ما في فمك لم تعد لي حاجة في نفسي بعد نفسك'.
وشعر بشر بآلام السم تسري في جسده وأخذ يعاني سكرات الموت.
وان الرسول أن يأتوا بتلك اليهودية وسألها
ما حملك علي ذلك؟
قالت:
لقدبلغت من قومي مالا يخفي عليك، فقلت: ان كان ملكا استرحت منه وان كان نبيا فسيخبر 'أي يوحي اليه بما حدث' وقرر النبي أن ينتظر.. فاذا مات بشر، فان المرأة تقتل قصاصا منها.. ومات بشر واقتص من هذه المرأة.
* * *
وما أكثر ما فعلوا.. وما أكثر ما غدروا في كل العصور.
ونسوا أن الذي أواهم وحماهم في أسبانيا وغيرهم أيام الحكم الاسلامي هم المسلمون، بل استعان بهم الكثير من حكام المسلمين في مختلف الاجيال، وتولي بعضهم المناصب المرموقة.
ومع ذلك فهم ينسون دائما دروس التاريخ.. ولا ولاء لهم الا لمصالحهم الخاصة.
واذا كان ولاؤهم في الماضي للانجليز حتي اخذوا وعد بلفور.. فان ولاءهم الآن للولايات المتحدة حيث وعود بوش.
و.... هذه التصرفات لن توقف شعبا اراد أن يتحرر.. وهذه الاغتيالات لن تحول بين الشعب الفلسطيني ونيل حقوقه المشروعة.. لان الحق دائما يأخذ طريقه الي الظهور مهما كان الظلام.. ومهما كانت وعورة الطريق.. والاغتيالات لرموز المق